بأي شيء نعاون السلطتين التنفيذية والتشريعية؟
د. نجلاء الورداني
تدخل دراسة الجماعات الضاغطة في نطاق ما يعرف باسم التنظيمات السياسية Political Organizations لكونها تنظيمات هدفها التأثير في أولئك الذين يمارسون الحكم، كما تختلف الجماعات الضاغطة من حيث حجمها، وعمقها، ودرجات تأثيرها، ونطاق المصالح والأهداف التي تدافع عنها، أيضًا تعمل الجماعات الضاغطة على تطوير الاستراتيجيات المختلفة للعمل السياسي وطرق ممارسته، ولكنها تختلف كليةً عن باقي التنظيمات الأخرى كالأحزاب السياسية مثلًا لوصفها لا تسعى للوصول إلى الحكم أو حتى المشاركة فيه.
وعلى الرغم من أن الجماعات الضاغطة تمثل ظاهرة قديمة نسبيًا، إلا أن تزايد أهميتها مرتبط في الواقع بتطور ونمو وظائف الدولة، وتدخلها في مجالات كثيرة، ويختلف تقييم الدور الذي تقوم به الجماعات الضاغطة بين الباحثين ورجال السياسة، فبينما يعتبر البعض أن نموها عبارة عن ازدهار الحياة السياسية والديموقراطية بوصفها تمثل الديموقراطية الحقيقة، تلك التي لا تضع عقبات كثيرة أمام القوى السياسية أيا كانت طبيعتها سواء قوى اقتصادية، أم اجتماعية، أم روحية، أم فكرية، وبالتالي يتعين على سلطات الدولة الاستجابة للرغبات النابعة من الأمة. في المقابل تذهب وجهة النظر الأخرى إلى أن قدرة الجماعات الضاغطة على التأثير على السياسة هو دليل على تفوق بعض الجماعات في الضغط على السلطات السياسية بأساليب مختلفة ، وكثيرًا ما تشمل هذه الأساليب استخدام قوة المال، أو التهديد، أو العنف، وهذا في حد ذاته يعد شاهدًا رئيسًا على تراجع الديمقراطية التي تقوم على المساواة الحقيقة.
وعلى أية حال، فإن أولئك الذين يعارضون الجماعات الضاغطة يرون أن هذه الجماعات تعمل أساسًا من أجل مصالحها الخاصة. ومن ثم؛ فهي تحصر نطاق تأثيرها على أعضاء السلطة التشريعية في تحقيق الصالح العام، والمنافسة التي تتطور إلى صراع بين هذه الجماعات تدور حول استمالة رجال البرلمان والحكومة لتحقيق المصالح الخاصة بكل جماعة، وعلى هذا الأساس يحدث نوع من التجاهل أو النسيان للصالح العام. وإذا كانت الجماعات الضاغطة ترتبط من جهة بفئات معينة من أعضاء المجتمع، ومن جهة أخرى بأهداف خاصة بهذه الفئات، فهي إذن تدعم الصراع بين الطبقات والفئات الاجتماعية المختلفة، مما يضعف الوحدة الوطنية ويعوق ازدهار الديموقراطية.
إلا أن هذه الانتقادات لم تمنع بعض الدارسين من الدفاع عنها، فهي مؤسسات ومنظمات تمد رجال الحكومة بالمعلومات والخدمات الإرشادية التي تنهض عليها القرارات السياسية المختلفة، ومن هذه الزاوية لا تنطوي الجماعات الضاغطة على فائدة للحكومة فحسب، وإنما أيضًا للأحزاب السياسية. ومن ناحية أخرى، فإنها تسهم في حفظ التوازن بين السلطتين التشريعية والتنفيذية، كما أنها فضلًا عن هذا عنصر من عناصر السبق والمبادأة السياسية.
وأخيرًا؛ توصف الجماعات الضاغطة بأنها مجلس آخر يقوم على أساس مهني، إلى جانب البرلمان القائم على أساس جغرافي، وهي بذلك تجبر النقص الذي يلحق ببعض الأنظمة الانتخابية التي لا يراعى فيها التمثيل المهني. ومن ثم؛ فإنها تعد مجالس معاونة للسلطتين التشريعية والتنفيذية، وبالتالي يتضح دور الجماعات الضاغطة ومدى تأثيرها في الوعي السياسي للمجتمع لاسيما وعي الأفراد الممارسين للسلطات المختلفة.