كتبت: إيمان عوني مقلد
بقي زعيم حزب النهضة ذي التوجه الإسلامي راشد الغنوشي رئيسًا للبرلمان التونسي بعدما أخفقت مذكرة لسحب الثقة منه في جمع الغالبية اللازمة، خلال تصويت برلماني غير مسبوق أمس الخميس يأتي على خلفية انقسامات عميقة داخل المجلس الذي انتخب في أكتوبر.
وأخفق معارضو الغنوشي وفي طليعتهم الحزب الدستوري الحر بحصد 109 أصوات لازمة لسحب الثقة من رئيس البرلمان. وأعلن الغنوشي في حديث للصحافة أن ذلك «انتصار للديمقراطية» بختام التصويت الذي قوبلت نتائجه بالتصفيق والترحيب من قبل مؤيديه.
ومن بين 217 نائبًا، أدلى 133 بأصواتهم، أيد 96 منهم سحب الثقة، ورفضه 16, فيما لم يشارك الغنوشي في الجلسة. ويُنتقد الغنوشي خصوصًا لطريقة إدارته للجلسات البرلمانية التي غالبًا ما تشلّها الخصومة بينه وبين الحزب الدستوري الحر، كما لنشاطه الدبلوماسي الموازي.
وهذه المرة الأولى في تونس التي يقرر فيها البرلمان مصير رئيسه، بعد عشر سنوات على الثورة التي أطاحت بالرئيس زين العابدين بن علي من السلطة ودخول البلاد مرحلة الانتقال الديمقراطي. ويتزعم الغنوشي البالغ من العمر 78 عامًا حزب النهضة منذ بداياته قبل أربعة عقود. وانتخب نائبًا في الانتخابات التشريعية في أكتوبر 2019 ثم رئيسًا للبرلمان.
وتعرض خصوصًا للانتقادات لإجرائه محادثات مع قادة أجانب رفيعي المستوى، في حين أن الشؤون الدبلوماسية هي من صلاحيات رئيس الجمهورية. وهو يتهم أيضًا بقيادته خطًا دبلوماسيًا موازيًا مقربًا من تركيا. يجد الغنوشي وحزب النهضة نفسهما أيضًا بمرمى هجمات الحزب الدستوري الحر بزعامة المحامية عبير موسي، التي كانت مقربة سابقًا من بن علي، وتتهم النهضة بأنه كان سببًا في تشجيع الحركة الجهادية في تونس.
وقالت النائبة ليلى حداد من حزب حركة الشعب الذي كان يشكّل مع النهضة جزءًا من الائتلاف الحكومي المنتهية ولايته، لفرانس برس إن حزبها صوت ضد الغنوشي بسبب «صعوبات في إدارة أعمال البرلمان لا سيما على خلفية خلاف آيديولوجي». واعتبر من جهته المتحدث باسم حزب النهضة عماد الخميري أن «المكونات التي افرزت راشد الغنوشي ما زالت قائمة والذين دعوا إلى سحب الثقة» فعلوا ذلك «لعداوة آيديولوجية ضد الغنوشي وضد الديمقراطية التي اكتسبت من الثورة».
وكان الرئيس التونسي قيس سعيّد المنتقد بشدة للديمقراطية البرلمانية وغير المتوافق مع النهضة، قد حذر من «الفوضى» داخل البرلمان. يأتي التصويت على لائحة سحب الثقة بعد أسبوعين من استقالة الحكومة برئاسة الياس الفخفاخ، وتعيين سعيّد أحد مستشاريه لتشكيل حكومة جديدة يفترض أن تحظى بقبول البرلمان خلال شهر. وفي حال عدم حصول ذلك، يمكن للرئيس حلّ المجلس.
وتثير هذه التوترات استياء بعض التونسيين فيما تواجه البلاد صعوبات اقتصادية ناجمة عن وباء كوفيد-19, وبعد موجة احتجاجات اجتماعية على خلفية تردي الوضع الاقتصادي.