قراءة في فكر سعد الدين هلالي
بقلم/ د. محمد العربي
ما بين الآراء الشاذة والمرجوحة التي تعمل علي إثارة البلبلة بين عوام الناس يتمحور حديث د. سعد الدين هلالي مما يعتبر إثارة للجدل وميلا لاكتساب الشهرة علي حساب “فوقية النص” ومنتجات آثاره حيث لا يكاد يمر يوم إلا ويخرج علينا برأي جديد يخالف فيه “المصطلح عليه”.
فمن فتوى “ذبح الطيور كأضحية” إلي “شرب الخمر”، “والراقصة الشهيدة”، “والطلاق الشفوي”، مما استدعى المؤسسة الأزهرية أن تؤكد علي خطورة فكره الذي يعمد من خلاله الي إظهار الآراء الشاذة.
دوما يذكر في ثنايا كلامه عبارات مثل “أوصياء الدين”، “استفت قلبك”.. الأمر الذي يجعل عوام الناس “يفتون” في الدين ويأخذون منه ما يلتقي وأهواءهم دونما ضابط أو رابط. وهو منهج لم يعرفه العلماء من قبل، إضافة إلي أنه يستخدم “المرجح” ويترك “الراجح”، فيقول: الراجح كذا والجمهور يقول كذا ويأتي بأي “شاذ” ويميل هو إليه ويترك “رأي الجمهور” وينفض الغبار عن هذه الأفكار الشاذة ويخرجها من ظلماتها ويقدمها علي أنه علم مندثر هدي إليه بإعمال عقله فيه وهو في الحقيقة علم “غير نافع”.
أما قوله: (إن هذه الآراء في كتب التراث وإن من يرفض تلك الآراء عليه أن يمحوها من كتب التراث)، فهي قولة حق يراد بها باطل، لأن التأصيل الحقيقي للفتيا أن يأتي الفقيه بالآراء المتعلقة بالمسألة الواحدة ويحللها ثم يختار راجحها علي مرجوحها، ولو لم نسلم بذلك لأصبح كل إنسان قادر علي أن يحرك مؤشر البحث التقني حول مسألة فقهيه ويستعرض الآراء الدائرة في فلكها دون أن يكون قادراً علي الانتهاء الي الرأي الراجح ومعه أدلته في ذلك، فلا بد من: بيان وتبيين وراجح ومرجوح وعلة ومعلول، ولا يعرف ذلك إلا طائفة انصرفت للتفقه في الدين.
وكان آخر ما أنتجته قريحته قوله تعليقا على رأي المؤسسة الأزهرية متمثلة في كبار علماء الأزهر حول مشروعية الصيام في ظل أزمة فيروس كورونا المستجد قائلا: “إنني أتعجب من إقرار مشروعية الصيام من خلال لجنة أو مجمع لاتخاذ قرار مؤسسي فيه، وهو نوع من أنواع الوصاية أو السلطوية الدينية”..
وكأني به يريد أن يفرغ الدين من مضمونه وجانبه العلمي ويخضعه للتفسيرات والأهواء مما يؤدي إلى تفتيت الدين الي ملل ونحل مختلفة ويصبح الدين نوعا من الشعور العام وليس عقائد وعلوم لنعود الي ما حدث في أوروبا من أمور متشابهة وينتهي بنا الأمر إلي جماعات فوضوية وعدمية أنتجتها النزعة الفردية وتجلياتها في المجال الديني والسياسي والأسري، وهو ما أغرقت فيها الوهابية والعلمانية المتشددة وكلاهما أنكر سلطة العلم وبرهانه الذاتي.