الشيخ عبد الشكور شهاب.. ونعم القدوة للأجيال
بقلم الإعلامي/ سمير شهاب
في مثل هذه الأيام من هذا الشهر انتقل إلى جوار ربه أول من علمني القرآن والأدب مع الله بل وعلم قريتنا في أجيال متعاقبة القرآن الكريم وتجويدة وأعطي من أراد الله تعالي له إجازات القرآن الكريم برواية حفص عن عاصم وورش وقالون عن نافع وغيرهم من الرواة لقراءات القرآن الكريم رحمه الله رحمة واسعة.
كان علامة قرآنية واضحة خلقا وأدبا وسلوكا واعتقادا. امتاز بالصمت الكثير وكان يمر اليوم ولا ينطق إلاببضع كلمات. عاش حياته الدنيا بالقرآن وللقران لم أره يوما قد غرته الدنيا ببهرجها وزينتها، ولم يلتفت إليها يوما ولقد منحه الله تعالي زوجة صالحة هي أمي رحمة الله تعالى عليها التي انتقلت قبله بنحو عشرين عاما وفي الشهر نفسه وعلمتنا كيف تكون هيبة الأب واحترامه وتوقيره وعدم رفع الصوت في حضرته بل ما رأيناها يوما تناديه إلا بمولانا وسيدنا الشيخ وجعلت له مكانا رفيعا في قلوبنا وأعيننا ولم أر بينهما يوما ما بين الأزواج من صراعات وخلافات وتكالب علي الدنيا فسبحان من جمعهما بمراده في الدنيا ونقلهما إليه بعد أن ربونا صغارا والله تعالي أسأل أن يرفع قدرهما عنده يوم رفع الأقدار وأن يقرؤهما منا السلام وأن يبلغهما عنا خيرا وأن يجمعنا بهما يوم الفوز العظيم.
سبحان من له السبحان سبحان الملك الديان. وأذكر أن مولانا الشيخ كان إماما لصلاة الفجر طيلة خمسة وأربعين عاما، وكان يوذن ويناجي الله قبل الفجر ولما دنا موعد رحيله زاد فيما يقول كلمات عرفت حينها أنه ينعي نفسه، قالها قرابة أربعين يوما قال: “سبحان الملك القدوس الديان وسبحان من قال: (كل من عليها فان) وسبحان من تاب على آدم واجتباه، سبحان من عافى أيوب بعدما ابتلاه، سبحان الباقي وكل شي هالك الا وجهه، له الحكم وإليه ترجعون”.
ولما أخبروني بها إذ كنت غير مقيم بقريتنا قلت حينها إن الشيخ ينعي نفسه ويخبركم أنه ذاهب إلي ربه.
رحم الله الشيخ عبد الشكور شهاب فلقد أحببته لأنه أبي وأحببته لقربه من الله وتعلقه به.
كان شيخا عظيما مهابا من كل الناس، في يوم من الأيام مرَّ به أحد محبي سيدي إبراهيم الدسوقي وكان درويشا عند سيدي إبراهيم البُصيلي وهو أحد أولياء عتبة سيدي إبراهيم الدسوقي. ضحك الدرويش واسمه عبد الله الفخراني عندما مرّ بوالدي وهو جالس أمام مسجده أول مرة، وتتابع مروره وفي كل مرة كان يضحك، فقال له الشيخ عبد الشكور: ما يضحكك فينا؟ فقال عبد الله الفخراني: رأيتك يا مولانا تجلس علي سجادة عظيمة فوق مئذنة المسجد الهاشمي (أكبر مسجد في قريتنا شُيّد في نهاية عصر المماليك ويبلغ ارتفاع مئذنته 37 مترا) وفي الجهة المقابلة وعلى نفسس الارتفاع يجلس سيدي إبراهيم الدسوقي وسيدي إبراهيم البصيلي ويوقعان أوراقا ثم يُعطونك إياها لتوقع، فلا ورقة تمضي إلا وفيها توقيعك.
ولقد ذهب أحد تلامذته معتمرا ورآه بعد إغفاءة في المسجد الحرام بثياب أخضر فسأله: ماذا تفعل هنا يا سيدنا فأجابه: أنا هنا على طول يا بني. ثم سأله عن لون ثيابه فأجابه بأنها ثياب أهل الجنة. وعندما اتصل صاحبنا بخاله يسأل عن صحة الشيخ فأجابه خاله بأنه انتقل منذ أسبوعين.
انتقل رحمه الله في الخامس والعشرين من أبريل عام 2007م وقد تجاوز العقد السابع من عمره المبارك.
اسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرفع قدره وقدر أمي عنده وينفعنا به دنيا وبرزخا وأخري نحن وكل من أحبه في الله العظيم وتتلمذ علي يديه وتربي بين يديه ورحم الله أمي وجعلهما في عليين مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا ذلك الفضل من الله وكفي بالله عليما.