كتبت: إيمان عوني مقلد
حذّر وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان أمس الجمعة من أن لبنان بات «على حافة الهاوية» في ختام زيارة استمرت يومين لبيروت كرر خلالها دعوته لتنفيذ إصلاحات ضرورية لحصول لبنان على دعم مالي خارجي. وبدا لودريان حاسمًا في تصريحاته خلال الزيارة التي تُعد الأولى لمسؤول رفيع المستوى إلى لبنان منذ تشكيل الحكومة وبدء انتشار وباء كوفيد-19 قبل أشهر. وشدد على ضرورة عدم المماطلة والإسراع في الإصلاحات.
وقال لودريان الجمعة في حديث للصحفيين: «هذا البلد بات على حافة الهاوية» في حال لم تسارع السلطات إلى اتخاذ إجراءات لإنقاذه. وأضاف: «الجميع يعرف المسار الذي يجب اتخاذه، وهناك وسائل للإنعاش. وفرنسا جاهزة لمرافقتهم بشرط أن تتخذ السلطات السياسية القرارات» للسير في طريق الإصلاحات. وأكد «هذه طلبات فرنسا، وأعتقد أنها سُمعت».
والتقى لودريان الخميس كلا من رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب ورئيس مجلس النواب نبيه بري ونظيره اللبناني ناصيف حتّي. ولم يخف الخميس خيبة أمله قائلا «أكثر ما يذهلنا هو عدم استجابة سلطات هذا البلد» للأزمة الراهنة، مشددًا على الحاجة إلى «أفعال ملموسة طال انتظارها».
بدوره، أفاد مسؤول فرنسي رفيع طلب عدم الكشف عن هويته «لن تُقدم فرنسا على أي التزام مالي ما لم يتم تطبيق إصلاحات»، محذرا من أنه لا يمكن الحصول على شيء من المجتمع الدولي في غياب الثقة. وقال «بدأ يفوت الأوان». ولم يوفر الانهيار الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان الحديث أي طبقة اجتماعية، وخصوصًا مع خسارة الليرة أكثر من ثمانين في المائة من قيمتها أمام الدولار، ما تسبب بتآكل القدرة الشرائية للمواطنين. وخسر عشرات الآلاف وظائفهم أو جزءًا من رواتبهم. وبات نصف اللبنانيين تقريبًا يعيش تحت خط الفقر، ولامس معدل البطالة 35 في المائة.
وفي مارس، تخلّف لبنان للمرة الأولى في تاريخه عن تسديد ديونه الخارجية، ثم طلب مساعدة صندوق النقد الدولي معتمدًا على خطة إنقاذ اقتصادية وضعتها الحكومة. لكن بعد جلسات عدة بين ممثلين عن الطرفين لا تزال المفاوضات تراوح مكانها. وكان المجتمع الدولي وعلى رأسه فرنسا، اشترط على لبنان تنفيذ إصلاحات جدية لتقديم أي مساعدة له. وأكد لودريان الخميس أن «لا بديل» عن برنامج لصندوق النقد الدولي لخروج لبنان من الأزمة.
وزار لودريان الجمعة مستشفى رفيق الحريري الدولي، حيث تتركز جهود مكافحة وباء كوفيد-19، والتقى ممثلين عن المدارس الكاثوليكية والفرنكوفونية المعتمدة في لبنان خلال زيارة لمدرسة الكارمل قرب بيروت، حيث كرر تعهد بلاده بدعم تلك المدارس التي تعاني أيضًا من الأزمة الاقتصادية وخصصت لها فرنسا تمويلاً طارئًا.
ويشهد لبنان منذ عقود أزمات متلاحقة وانقسامات طائفية وسياسية عميقة، إذ تُوجَّه إلى السياسيين اتهامات بتقاضي رشى وعمولات على كل المشاريع العامة. في أكتوبر، انتفض مئات آلاف اللبنانيين ضد الطبقة السياسية التي اتهموها بالفساد والعجز. وتراجع زخم التحركات مع تفشي كوفيد-19، الذي سجل حتى الآن 3258 إصابة بينها 43 وفاة.