“نساء لا تعرف الفضيلة”
خيانات زوجية من قلب سجون صعيد مصر
الحلقة الأولى
تكتبها/ د. نجلاء الورداني
نساء لا تعرف الفضيلة، تركت نفسها لشهواتها فدمرت ما منحها الله من أمان ودفء عائلي يسعى له كثيرون ولا يجدون له سبيلًا.
نساء أبت طبيعتهن أن يعشن في سلام وطمأنينة، فتركن قانون الفطرة التي فطر الله عباده عليها ليقتبسوا من سلوكيات الحيوانات مسلكًا لحياتهن.
تصرفاتهن فاقت تصرفات الأنعام؛ فأصبحن يسرن خلف شهواتهن دون جامح مستهترين بنعمة البيت والزوج والأبناء والعائلة.
نساء لا يعلمن عن العادات والتقاليد سوى الاسم فقط، ولا يدركن معنى لتطبيقها أو الامتثال لها.
والحقيقة أنني لأجد نفسي -منذ أن بدأت في الكتابة عن حكايات البشر ومآسايهم في الحياة- غير متعاطفة نهائيًا مع ما سمعته، بل أجد رغبة في نفسي حادة لتطبيق القانون والقصاص منهن، فقد نسوا الله وأزهقوا أرواحا لا ذنب لها سوى أنها عاملت ضميرها في الحفاظ عليهن.
فالأولى امرأة في منتصف الثلاثينيات من العمر، متزوجة من رجل يناسبها سنًا ويكافئها اجتماعيًا ويعاملها معاملة الصديق لصديقته، والحبيب لحبيبته، والعاشق لمعشوقته، ينتمي لعائلة كريمة يجمع بين أفرادها المودة والرحمة، يعيش بأسرته مع عائلته في المنزل نفسه مثله مثل إخوته وأخواته، فهو الابن الثالث بعد أخت كبرى وأخ يسبقه، وأخ يليه لم يتزوج بعد.
عاش هو وأسرته في جو عائلي هادئ يعود من عمله ليتناول العشاء مع أسرته الصغيرة، وبعد العشاء يستريح قليلًا ليجمع أسرته مساءًا ويتحرك لشقة والده في الدور الأول حيث يتجمع بها جميع سكان المنزل في أوقات كثيرة يتسامرون حتى يأتي موعد نوهم، فيصعد كلً منهم بأسرته.
العلاقات مفتوحة بين أفراد العائلة والكل أخوة؛ فزوج الأخت أخ للذكور، وزوجة الأخ أخت للإناث داخل المنزل، والوالدين يحتضنان الكل فرحين بنسلهم وذريتهم التي تزداد يومًا بعد يوم.
ومن هنا؛ بدأت الكارثة فزوجة الابن الثالث تتجوّل في المنزل بحريتها تضحك وتلهو وتلعب مع صغارها، فهي أم لابنة جميلة لم تتجاوز خمس سنوات، وطفل صغير يتقارب عمره من عامين، تتعامل مع من في البيت كيفما يشاء لها عقلها وتشاء لها تصرفاتها، لا أحد يعلق عليها، ويلفت انتباهها بأن هناك من الأفعال والأعمال ما لا يصح ولا يجوز.
تهرج كيفما أرادت لها نفسها مع شقيق زوجها الأصغر الذي لم يتزوج بعد وهو أصغر منها في السن، متناسية العادات والتقاليد التي تربينا عليها والتي سادت الأسرة المصرية عامة وأسر الصعيد خاصة، تحمل بين طياتها قواعد وأسس العلاقات والتعاملات بين أفراد الأسرة الواحدة وحدود كل فرد بداخلها أين تبدأ ومتى تنتهي.
الزوجة نست تمامًا طبيعة الفواصل بينها وبين شقيق زوجها وظلت تلهو وتلعب معه؛ فهي طيلة الوقت مقيمة بشقة والد زوجها بالدور الأول بحجة مجالسة حماتها، وزوجها يعود متأخرًا من العمل ووالده يجلس في دكان للبقالة صغير داخل البيت تنزل له زوجته كلما أرادت أن ترّفه عن نفسها، والابن الرابع جالس في البيت فعمله لا يستغرق سوى ساعات من الصباح ثم يعود لمنزله ظهرًا، وأحيانًا كثيرة لا يخرج من منزله ولا يترك غرفته سوى لتناول الطعام والحديث مع أسرته، كانت هذه هي الصورة المبسطة من الحياة اليومية للأسرة والعائلة.
أما باقي أفراد المنزل، أقصد الأخوة الكبار فحياتهم مشغولة بالسعي على رزقهم ورزق أولادهم وينزلون كل مساء للاطمئنان على والدهم ووالدتهم والالتقاء ببقية أفراد العائلة.
ظلت الزوجة الشابة تزداد ارتباطا بشقيق زوجها يومًا بعد يوم، وكانت تحضر له طعامه وتنظف ملابسه، وترتب له حجرته؛ فالأم مسنة تجلس بحكايتها وحواديتها تحكي لأحفادها الصغار، وفي أوقات كثيرة تنزل بهم لدكان جدهم يلعبون في الشارع مع الأطفال أمام عينها لتترك زوجة ابنها تقوم بعملها، وتنظر لها على أنها كريمة الأصل وتقول عنها “حبيبتي مرات ابني الشاطرة”، وتناست هذا الشاب القاطن بالمنزل والذي أصبح يتعامل مع زوجة أخيه أكثر من زوجها نفسه.
ظلت الأمور هكذا لبضعة أشهر أصبحت فيها الزوجة تعلم كل شيء عن سلفها وهو كذلك، بل ساءت العلاقة بينها وبين زوجها بسببه، وبدأت تهمل بيتها ولا تريد الصعود إلى شقتها. لقد صارت العلاقة بينهما علاقة العشيقان لا علاقة النسب والصهر.
وذات صباح صعدت الزوجة لسطوح المنزل -الذي يسبقه شقتان لا يسكنهما أحد- لتنتظر حبيبها الذي اعتادت على رؤيته في غرفة فوق السطوح لا يصعد إليها أحد، حيث تحوي عددا من الأغراض غير المستعملة.
لكن الله أراد أن يفضح أمرها، إذ رأت الصغيرة والدتها تصعد وخلفها عمها فصعدت خلفهما، لعل فضولها أثار ذلك أو ربما تتبعت والدتها، أما مشيئة الله فقد أبت ألا يستمر هذا العهر والفجور.
صعدت الصغيرة بخطواتها البطيئة تلهو وتمرح بين شقق المنزل وغرفه الخالية لتصل في النهاية إلى السطح فتجرها قدمها للغرفة المشئومة؛ تلك الغرفة التي تنهي حياتها!
كشفت الصغيرة عن والداتها وهي في حضن عمها، فظلت تشاهد ماذا يفعلان لا يشعران بها إذ لا يشغلهما عمَّا يفعلان شيء!
لكنهما فرغا فوجدا نفسيهما أمام طفلة رأت كل ما حدث وسمعت كل ما قيل.. صعق العاشقان من هول الصدمة وفجأة ودون سابق إنذار انقض العم والأم على الطفلة فقاما بخنقها بحجاب الأم.
وُضِعت الصغيرة في شنطة سفر قديمة كانت موجودة بالغرفة ضمن كراكيبها ثم ارتدى الجانيان ملابسهما.
نزلت الأم إلى شقة حماها سريعًا مستئنفة أعمال التنظيف بالمنزل وكأن شيئًا لم يحدث، لتفرغ الطريق للعم العشيق حتى ينزل بجثة ابنة أخيه دون لفت انتباه أحد.
وبالفعل؛ نزل بشنطة السفر لم يلفت انتباه أحد، لأنه لا يوجد أحد يترقب للآخر ما يفعل، وذهب صاحبنا بابنة أخيه إلى منطقة جبلية ليلقيها في أحضان الجبل ويحرقها، متجردًا من كل معاني الإنساينة والشفقة، وكيف لا وهو من استحل زوجة أخيه لنفسه من قبل.
عاد إلى البيت هادئ الأعصاب ينظر لعائلته التي علمت بغياب الصغيرة حين سألت الأم جدتها عليها، فقالت الجدة لقد أرسلتها لك فردت والدمع يعتصر عينيها أنها لم ترها منذ أن نزلت معها إلى دكان جدها هي وأخيها.
ظلت العائلة كلها تبحث يمينًا ويسارًا، تسأل الجيران والحي بأكمله عن ابنتها ولكن بلا جدوى، نعم بلا جدوي فالابنة في حضن الجبل مخنوقة بحجاب أمها ومحروقة بيدي عمها.
قلق الأب على ابنته، والليل أعقبه صباح والابنة مفقودة، فذهب برفقة قاتلها إلى قسم الشرطة ليقدم بلاغًا بغياب ابنته.
ظل ينتظر النتيجة، وتدخل كل ذو منصب في قريته للبحث معه عن ابنته، حتى وجدتها الشرطة ملقاة في حضن الجبل جثة محروق منها أجزاء كثيرة.
أجريت التحقيقات، وتم التعرف على الشنطة وحاملها، والحجاب وصاحبته!
وشاءت الأقدار أن تظهر الحقائق وعلم الجميع من القاتل ولماذا، ومع ذلك فقد دمرت أسرة بل عائلة بأكملها بسبب أخلاقيات ضاعت معالمها مع سرعة الحياة وجنونها.