بقلم ا.د / شعبان عطيه
ما معنى قوله ومن دونهما : في قوله تعالى : (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ)
الجواب
قوله سبحانه: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) معطوف على قوله تعالى قبل ذلك:
(وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ).
أولا : لفظ دون هنا يحتمل أنه بمعنى غير. أي: ولمن خاف مقام ربه جنتان، وله- أيضا- جنتان أخريان غيرهما، فهو من باب قوله سبحانه (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنى وَزِيادَةٌ).
قالوا: ويشهد لهذا الاحتمال. أن الله- تعالى- قد وصف هاتين الجنتين بما يقارب وصفه للجنتين السابقتين، وأن تكرير هذه الأوصاف من باب الحض على العمل الصالح الذي يوصل إلى الظفر بتلك الجنات، وما اشتملت عليه من خيرات.
ثانيا : يحتمل أن لفظ دون هنا: بمعنى أقل، أي: وأقل من تلك الجنتين في المنزلة والقدر، جنتان أخريان..
وعلى هذا المعنى سار جمهور المفسرين، ومن المفسرين الذين ساروا على هذا الرأي الإمام ابن كثير، فقد قال- رحمه الله- هاتان الجنتان دون اللتين قبلهما في المرتبة والفضيلة والمنزلة، بنص القرآن، فقد قال تعالى: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ)..
فالأوليان للمقربين، والأخريان: لأصحاب اليمين..
والدليل على شرف الأولين على الأخريين وجوه:
أحدها: أنه نعت الأوليين قبل هاتين، والتقديم يدل على الاعتناء، ثم قال: (وَمِنْ دُونِهِما جَنَّتانِ) وهذا ظاهر في شرف المتقدم، وعلوه على الثاني.
وقال هناك (ذَواتا أَفْنانٍ) وهي الأغصان، أو الفنون في الملاذ: وقال هاهنا : (مُدْهامَّتانِ) أي: سوداوان من شدة الري من الماء.
وقال الإمام القرطبي: فإن قيل: كيف لم يذكر أهل هاتين الجنتين، كما ذكر أهل الجنتين الأوليين؟.
قيل: الجنان الأربع لمن خاف مقام ربه. إلا أن الخائفين مراتب، فالجنتان الأوليان لأعلى العباد منزلة في الخوف من الله- تعالى-، والجنتان الأخريان لمن قصرت حاله في الخوف من الله تعالى.