كتبت: إيناس مقلد
فى أعقاب الانتشار المتسارع، والواسع، للسجائر الإلكترونية فى الفترة الأخيرة، استطاع أطباء القلب توضيح كيف تؤثر هذه السجائر على الأوعية الدموية وضغط الدم، انتهاء بالمخ.
وقدم فريق الباحثين، تحت إشراف توماس مونسل من جامعة «ماينس» الألمانية، نتائج دراستهم فى هذا المجال، والتى نشرها العدد الأخير من مجلة «يوروبيان هارت جورنال» الأوروبية لأبحاث القلب.
وأكد مونسل قناعته بأنه يتعين على ألمانيا دراسة فرض حظر عام على السجائر الإلكترونية، لحماية الناشئة على وجه الخصوص، «فلا يمكن أن نسمح بأن يصبح جيلا كاملا مدمنا للنيكوتين».
وطلب الباحثون فى بداية دراستهم من 20 مدخنا للتبغ من المتعافين فى مقتبل العمر، تدخين سجائر إلكترونية، ثم قاموا بعد مرور 15 دقيقة بفحص تدفق الدم فى الشريان العضدى لدى كل منهم.
ويقول الباحثون إنهم وجدوا أن سرعة دقات القلب زادت لديهم، كما تأثر الشريان العضدى، «ورغم عدم وجود منتج تبغ داخل السيجارة الإلكترونية، فقد أدى تدخينها إلى ترد واضح فى وظيفة الأوعية الدموية (وظيفة البطانة الغشائية للأوعية) لدى المدخنين».
وقال الباحثون إن ذلك يمكن أن يؤدى، على المدى البعيد، إلى أضرار ذات صلة بالدورة الدموية للقلب، مثل أمراض القلب التاجية وضغط الدم وضعف القلب.
ومن أجل توضيح ماذا يحدث على وجه التحديد عرض الباحثون 124 فأرا إجمالا، على مدى ثلاثة أو خمسة أيام، ست مرات يوميا، وعلى مدى 20 دقيقة، لبخار هذه السجائر.
وكانت النتيجة أن سرعة دقات القلب ارتفعت لدى الفئران، كما حدث تيبس فى الشرايين، وتراجع فى وظيفة الغشاء الداخلى للأوعية الدموية.
وتلعب البطانة الغشائية دورا مهما فى الجسم، حيث تعمل على ضبط عمليات الإلتهاب، وتوسيع الأوعية وحماية الأنسجة من السموم، كما تحول دون حدوث تكلس فى الأوعية.
واكتشف الباحثون العديد من العوامل التى يؤثر بها بخار السجائر الإلكترونية على الأوعية الدموية.
وبحسب الباحثين، يلعب إنزيم 2NOX- الذي يفرزه الجسم دورا جوهريا فى ذلك، حيث يشارك أيضا فى صد البكتريا.
ويقول الباحثون إن مادة «أكرولين» السامة التى يحتوي عليها دخان السجائر الإلكترونية، تقوم بتنشيط مؤثرات إنزيم 2NOX- الضارة بالجسم.
ونتيجة لذلك، تنشأ داخل الأوعية الدموية ردود فعل تفاعلية للأكسجين، مما يؤدى إلى ما يعرف بـ«إجهاد الأكسدة». كما تحدث أيضا ردود فعل التهابية.
وكانت الآثار التي ظهرت فى 27 فأرا تم تعديل جيناتها بحيث لا تفرز 2NOX-، أقل بكثير من أقرانها التي تفرز هذا الإنزيم.
وفى الحالات التى وجدت فيها هذه الآثار أصلا، فقد كانت ضعيفة أكثر بكثير منه لدى بقية الفئران.
وإضافة إلى ذلك، اكتشف الباحثون أن هناك مادتين فعالتين، وهما مادتا «ماسيتِنان» و«بيبريديل»، اللتان تحميان الفئران من مثل هذه الآثار التى يمكن أن تنشأ عن بخار السجائر الإلكترونية، وقد عثروا بذلك على المزيد من الإشارات التى يمكن أن تؤثر بها مواد موجودة فى السجائر على الأوعية الدموية.
ويعتقد مونسل أنه من الممكن تطبيق هذه التجارب التى أجريت على الفئران، على الإنسان أيضا، ويقول إن التجارب قدمت الدليل على أن مادة «أكرولين» الموجودة فى بخار السجائر الإلكترونية تؤدى من خلال تنشيط إنزيم 2NOX- إلى الإجهاد الناتج عن الأكسدة داخل الأوعية الدموية، بما فى ذلك تلك الموجودة فى الرئة والمخ، «لذلك فلا يمكن بأى حال من الأحوال إعتبار السجائر الإلكترونية بديلا صحيا للسجائر التقليدية»، حسبما أكد مونسل.
ورأى مونسل أنه على الرغم من أن الدراسة لا توحى بشكل مباشر بإمكانية تضرر أعضاء أخرى فى جسم المدخن جراء تدخين السجائر الإلكترونية، فإن تضرر هذه الأعضاء وارد جدا إذا استخدمت السيجارة الإلكترونية فترة طويلة.
وأكد مونسل أنه رغم أن السجائر الإلكترونية أقل ضررا بالتأكيد من السجائر العادية، بسبب قلة نسبة تركيز العناصر الضارة فى بخارها، فقد ثبت، وبشكل متزايد، أن السيجارة الإلكترونية تحتوي على مخدر يمهد لصناعة مدخنين مستقبلين.
ودعا مونسل إلى إعتماد لوائح قانونية تحول دون وصول الشباب إلى منتجات التبغ والسجائر الإلكترونية. وأوصى كذلك بحظر الدعاية لهذه السجائر، وبتوعية الشباب والأسر أكثر بشأن مخاطرها الصحية.