كتب: سمير عبد الشكور
استطاعت سلطنة عُمان وعبر عقود من البناء والتحديث أن ترسم صورة ذهنية مميزة لدى العالم، من خلال صناعة السلام والاستقرار والعمل الجاد لأجل عالم تسوده قيم المحبة والإخاء، باعتبار أن هذه المسائل تشكل عنوانا لإمكانية بناء الحياة الإنسانية الأفضل، فالطريق إلى التكامل الاقتصادي والتعاون بين الأمم والشعوب وتحقيق المصالح المشتركة في كافة المجالات يتحقق عبر هذه القيم الجلية.
وفي هذا السياق جاءت إشادة أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة بسلطنة عُمان ودورها في دعم السلام والاستقرار في المحيط الإقليمي ومنطقة الشرق الأوسط بشكل عام، حيث قال إن “السلطنة تمثل نموذجا فريدا ليس في منطقة الشرق الأوسط فحسب بل على مستوى العالم”، وهو ما يعني أن هذه التجربة العُمانية الفريدة تستحق النظر والتأمل للباحثين والمهتمين.
وقد كان الأمين العام للأمم المتحدة يتحدث في إطار اجتماع عقده عبر الاتصال المرئي مع الدول المؤيدة للمبادرة الدولية لوقف إطلاق النار على مستوى العالم، وجاء التأكيد على إحلال الأمن في اليمن، لتكون الإشادة الأممية بدور السلطنة الداعم للجهود الدولية المبذولة لإحلال الأمن والسلام في الجمهورية اليمنية، وتبنيها الإطار الإنساني في معالجة هذه الأزمة المستمرة منذ عدة سنوات، التي انعكست على مجمل مسارات الحياة في اليمن.
وليست هذه هي المرة الأولى التي تشيد فيها الأمم المتحدة بأدوار السلطنة أو تؤكد عليها، فقد ظل هذا المسار قائما ومنذ أمد بعيد، منذ أن بدأت السلطنة تضع صورتها الذهنية الماثلة أمام الجميع كبلد محب للخير والسلام، وبحيث ظلت آمنة مطمئنة بفضل القيادة الحكيمة في عهد السلطان الراحل قابوس بن سعيد – طيب الله ثراه – وهو العهد الذي يتجدد اليوم مع السلطان هيثم بن طارق سلطان عُمان الذي ألقى على عاتقه استكمال المسيرة والنهضة المتجددة.
ومنذ أغسطس 2015 استضافت السلطنة المفاوضات الخاصة باليمن، والتي وصفها المبعوث الأممي لليمن آنذاك إسماعيل ولد الشيخ بأنها كانت أول لقاء إيجابي بين أطراف الأزمة اليمنية بعد فشل مؤتمر جنيف، وهذا يدل على رؤية السلطنة الداعمة للجهود الأممية في هذا الصدد، وانتهاج السلطنة مبدأ الحوار ونبذ العنف والتأكيد على ضرورة التفاوض للتوصل إلى حل دائم وعادل وشامل لمختلف القضايا.
وتؤكد الدراسات التاريخية أن سـلطنة عُمان تبذل ما بوسعها وعبر كافة السبل لشيوع وسـيادة السلام والتسامح بين الدول والشعوب، وهي تقوم بذلك انطلاقا من المبادئ التي ارتكزت عليها سياستها الخارجية، من تأكـيد ثقافة السلم الدولي والتعايش الإنساني وأن المحبة يجب أن تسود كعنوان للتواصل بين الأمم وتجسير المسافات وصناعة الحضارة في عالم اليوم، فدائما على مدار التاريخ، كانت الحضارة الإنسانية الحقة تنتصر لقيم السلام والتعاون والتفاهم بما يمهد الأفق للتجارة والصناعة وكافة سبل تبادل المنافع بما يعزز العيش المشترك.
يبقى القول أن استمرار السلطنة في دعم سياسة السلام والتعيش والوئام في العالم، يعمل على تعزيز كل ما من شأنه خدمة التطور والتنميـــــة الشاملة وخدمة الأمن والسلام في المنطقـــــة بشكل عام، وهو ما يحمل مردودات إيجابية على الشعب العماني في بناء فرص الحياة الأفضل للأجيال القادمة.