ويؤكد: جودة العمل الدعوي والاجتماعي ستحقق مزيدا من الترابط والوئام في المجتمع
.. على الداعية أن ينشر ثقافة العمل والأمل والتفاؤل في المجتمع
.. الداعية النابه لا يتحدث فيما لا يجيده حتى يجيده لأن معظم مشكلات الحياة تحدث بسبب عدم الوضوح
أكد الدكتور أحمد علي سليمان عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، وخبير جودة الدعوة، أن رسالة الداعية هي امتداد لرسالة الإسلام التي بلَّغها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فمهمة الأئمة والعلماء من أجلِّ المهام التي تحتاج إلى مزيد من العمل والجهد والإبداع والتعلم والبناء المهاري المستمر لمواكبة العصر والتواصل الفعال مع الأجيال..
وأشار في محاضرته بعنوان: “آليات ومهارات التواصل المجتمعي”، والتي ألقاها في معسكر أبي بكر الصديق بالإسكندرية (الفوج الثالث) للسادة الأئمة الناجحين في مسابقة “إمام منطقة”، بحضور د/ عبد الرحمن نصار وكيل مديرية أوقاف الإسكندرية، د/ خالد السيد غانم مدير عام بحوث الدعوة، والشيخ إبراهيم محمد إبراهيم عضو المركز الإعلامي بالوزارة، أشار إلى أن “إمام منطقه”، فكرة جديدة ورائعة ابتكرتها وزارة الأوقاف من أجل تحقيق مزيد من الفعالية والتواصل بين الإمام وبين المجتمع الذي يعمل فيه، من خلال داعية أكثر تميزًا، ومن ثم يجب أن يكون سلوك إمام المنطقة على قدر مكانته وموضعه وموقعه والمهام العظيمة المنوطة به، ويحمل كارنيه إمام منطقة محددة جغرافيا، يكون ممثلًا بصفة رسمية لوزارة الأوقاف بتنسيق وإشراف من مدير مديريته التابع لها، فيشارك في المحافل الرسمية، والجهات الشعبية والتنفيذية كقصور الثقافة ومراكز الشباب والإدارات التعليمية والمجلس القومي للمرأة وغيرها من الأماكن التي تسهم في بناء الوعي المجتمعي، وأيضا حضور المناسبات الدينية والوطنية والعامة، وحضور المناسبات الخاصة بأشقاء الوطن.
وأوضح “عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية” أن آليات ومهارات التواصل المجتمعي اللازمة لإمام المنطقة متعددة ومتشعبة، تنقسم إلى أربعة أقسام:
القسم الأول: المهارات العامة اللازمة لإمام المنطقة وتتمثل في أن يكون كريمًا مكرمًا، عزيزًا، أبيًّا شامخًا، متواضعًا في عزة، مبتسمًا بشوش الوجه والقلب، مهندمًا نظيفًا، حساسًا وحسيسًا بآلام المجتمع، متفائلا باعثًا للأمل والتفاؤل في جنبات المجتمع، قدوة لغيره، مبتعدًا عن مواطن الريبة والشك، مُهابًا بورعه وحكمته وعلمه وصوته الحاني ونظراته العطوفة، مُبدعًا في حل المشكلات المجتمعية، مخاطبًا للناس على قدر عقولهم، لا يتحدث فيما لا يجيده حتى يجيده، عفيفًا مترفعًا لا تصدر منه الصغيرة ولا الكبيرة، مجيدا في عمله ذلك أن جودة العمل الاجتماعي للأئمة ستحقق مزيدا من الترابط والوئام بين أبناء المجتمع.
القسم الثاني: المهارات العلمية اللازمة لإمام المنطقة وتتمثل في التكوين العلمي والأكاديمي بحيث يكون الإمام موسوعة علمية أخلاقية روحية اجتماعية تمشي على الأرض، مداومًا على مراجعته للقرآن وكثرة سماعه، حافظا للسنة الشريفة، والمتون فمن حفظ المتون نال الفنون، متأملًا في كتاب الله المنظور والمسطور، قارئا لكبار المفكرين في شتى المجالات، مطلعا على جميع العلوم، متعمقا في علم النفس والاجتماع وعلوم العمران، قارئا للشعر ليزود نفسه بالمحصول اللغوي الأصيل، على دراية تامة بالمستجدات، عالما بطبيعة البيئات الاجتماعية خصوصا تلك التي يعمل فيها، متسمًا بالمنهجية العلمية والموضوعية والوضوح.
القسم الثالث: المهارات الفنية والمهنية لإمام المنطقة وتتمثل في مهارات العرض والتقديم، والإقناع والاستمالة، مهارات التواصل الاجتماعي، وضرورة التثبت والتحري والحذر فيما ينشر، والتعامل بمنتهى الحرص والذكاء مع مواقع التواصل الاجتماعي، لافتا أنظار الشباب إلى ضرورة حسن التعامل مع هذه المواقع واستخدامها بالطريقة المثلى، التي تسهم في نشر الوعي الفكري والثقافي في المجتمع، موجها الإمام بأن يكون خطابه وأقواله وأفعاله واضحة غاية الوضوح؛ ذلك لأن كبار علماء التنمية البشرية يقررون بأن معظم المشكلات الحياتية في العالم تحدث بسبب عدم الوضوح، لذلك يجب على الإمام أن يتمثل قوله تعالى (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ..)، وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (عَلَى رِسْلِكُمَا ، إِنَّمَا هِيَ صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ..).
القسم الرابع: مهارات التواصل المجتمعي لإمام المنطقة وتتمثل في التطبيق النبوي العظيم لأساليب التواصل المجتمعي خاصة في مجتمع المدينة، مراعاة الأبعاد الاجتماعية والقوى المجتمعية، واتقان لغة وطريقة تعبير دبلوماسية، تدعم خطاب التواصل وتقضي على خطاب التقاطع، وتتسم بدعم اللحمة الوطنية، وترسخ البنية المجتمعية والسلام الاجتماعي، وتجمع شمل المواطنين، وتزرع الأمل في النفوس، وتجابه الشائعات، وتحقق مقاصد الشارع الحكيم، مع ضرورة الاتقان والإحسان بحيث تجعل مَن يراك من إتقانك يتمنى أن يكون مثلك، ومَن يعرفك يدعو لك بالخير، ومَن يسمع عنك يتمنى مقابلتك، فمَن تعطر بأخلاقه لن يجف عطره، فالمعدن الطيب لا تغيره المناصب ولا المصائب، فكن محسناً حتى وإن لم تلق ٳحسانًا من الناس.. كن محسنًا ليس لأجلهم..!! بل لأن الله يحب المحسنين.
وفي ختام كلمته وجه فضيلة د. أحمد علي سليمان السادة الأئمة إلى ضرورة مراعاة تأليف القلوب بين الناس، وألا يحيدوا عن الحق، وأن يستقرئوا المشكلات الاجتماعية ويبذلوا قصارى جهدهم لحلها، ويزودوا أنفسهم بقواعد بيانات جغرافية دقيقة بشأن المنطقة التي يعملون بها، مستعينين في ذلك بالتواصل مع القيادات التنفيذية والشعبية بهذه المنطقة. كما توجه بشكر الله (عز وجل) أن جعلنا ممن حمَّلهم شرف الدعوة ونشر ما جاء به رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم.. كما توجه بخالص الشكر للوزارة والوزير على الجهود العظيمة التي تقدم لخدمة الدعوة والوطن، وقيادة قاطرة تجديد الخطاب الديني